43 عاماً على تأسيس
جمعية الإمارات للفنون التشكيلية
يستمر المعرض السنوي لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية في تجسيد ذاكرة تاريخية فنية جماعية تتجاور من خلالها الأجيال الفنية المختلفة وتتجلى الفنون البصرية والرؤى الإبداعية، وذلك بتوجيه ورعاية كريمة من صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رعاه الله.
يمثّل المعرض السنويّ خطاباً فنياً إنسانيّاً بصريّاً وتأويلاً مفتوحاً لأساليب ومفاهيم متنوعة تلامس جدليّة الزمان والمكان والوجود بين الذاتي والموضوعي لكل فنّان. يسعى المعرض السنوي الثامن والثلاثون، بتقييم كل من الفنان عبد الرحيم سالم والفنانة منى الخاجة، إلى تقريب التّجربة الإبداعيّة المحترفة بتلك الموهوبة. ويعطي هذا التّراص الفنّي والتعدّد الفرصةَ لأعضاء الجمعية لإبراز قراءات إبداعية مختلفة وتيّارات فكريّة متنوعة يتحدّث فيها كل فنّان عن تجربته وأسلوبه الفني، وقد ارتأت اللجنة تكريم الفنانين عبيد سرور ويوسف الدويك، والدكتورة نهى فران، رئيسة تحرير مجلة التشكيل.
وبمناسبة مرور43 عاماً على تأسيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، لا بد لنا أن نشكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على دعمه الدائم ورعايته الكريمة، كما نتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى سعادة عبد اللَّه العُويس/رئيس دائرة الثقافة – حكومة الشارقة، على رعايته ودعمه المستمر للجمعية. ونشكر هيئة الشارقة للمتاحف ومتحف الشارقة على استضافتهما الكريمة للمعرض السنوي منذ عام 1996 وحتى الآن.
سالم الجنيبي
رئيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية
روح الزمان
د. نهى فران
لطالما كان مفهوم الزمن موضوع نقاش في كل حقبة وثقافة، هناك من ينفى وجود الزمان، وهناك من يعتبره حقيقة مطلقة وثابتة. يتأرجح مفهوم الزمان بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتتعدد مصطلحاته ما بين الزمن المطلق، والزمن النسبي، والزمن الجيولوجي، والزمن النفسي وغيره، ومما لا شك فيه أنه في حالة تطور دائم، وغالباً ما يتقدم بقفزات منفصلة غير مرئية. الزمان هو مفهوم شائك، ولكنه كناية عن حاضر الأحداث الماضية المحفوظ في الذاكرة، وبما أن تأكيد وجود الأشياء الحالية من حولنا يكون بواسطة الإدراك البصري، فإن مستقبل الأشياء يكون من خلال التوقع. ووفقاً لذلك، تتوقف حقيقة الزمان على الروح التي تتذكر الأحداث وتدركها وتتوقعها؛ ومن هذا المنطلق يأتي مفهوم المعرض السنوي “روح الزمان”؛ كي يجسد الفن بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويرسخ أهمية الأصالة والمعاصرة والرؤية المستقبلية لواقع الفنون البصرية.أوقد المعرض السنوي منذ انطلاقته الأولى في مطلع الثمانينيات، شعلة الفن والإبداع، ليغدو بمنزلة صورة لتدفق المشهد الفني النابض بالحياة في دولة الإمارات، فقد برز المعرض السنوي كلاعب أساسي ومفصلي في المشهدَين الثقافي والإبداعي، ونجح في ترسيخ مكانته كإحدى أبرز التظاهرات الفنية الأقدم في الدولة.
يُعَدّ المعرض السنوي شاهداً أساسيّاً على انبثاق وتطور الحركة الفنية، فهو يكشف عن نواحٍ مهمة في المشهدَين الفني والتاريخي للإمارات، وقد أثبت قدرته على دعم وإبراز المواهب، وإلقاء الضوء على الأعمال الفنية المتميزة المحلية والعالمية، وإلهام الأجيال القادمة من الفنانين. وهو يكمل مسيرته الريادية في رعاية الإبداع وإنمائه برعاية ودعم سخي من سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة. واليوم نعود بالذاكرة في لمحة عن الاثنين وأربعين عاماً الماضية لإقامة وتنظيم المعرض السنوي لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية .
علامات فارقة ورؤى مختلفة
يُعَدّ المعرض السنوي، التظاهرة الفنية الأبرز والأهم بين الفعاليات والمعارض التي تنظمها جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، فهو يجمع أطياف الممارسات الفنية من مختلف الجنسيات في عرض جماعي واحد، فالمعرض السنوي يعتبر ركيزة أساسية للوقوف على أهم التجارب وأبرزها، وهو يعطي جمهور الفنون البصرية الفرصة لمشاهدة عدد كبير من الأعمال المتنوعة والتجارب المختلفة.
لا تخلو دورات المعرض السنوي من المحطات الفارقة والأعمال الفنية المتميزة، وأيضاً من السجالات المختلفة، بدايةً من طريقة تنظيمه إلى طبيعة العرض ومحتواه. لكن مما لا شك فيه أن المعرض السنوي أسهم في تقديم صورة تعكس المشهد الفني المعاصر في دولة الإمارات وواقع الفنون البصرية، الذي تتأرجح فيه الأعمال الفنية بين مفاهيم متغايرة وأنماط وممارسات مختلفة، بين الحداثة وما بعد الحداثة، فتتصدر فيه اللوحة المسندية المشهد الفني تارةً، والأعمال التي ترتكز على المفهوم والتجربة تارةً أخرى، ليتحول السجال من طبيعة هذه الأعمال وقيمتها إلى مفهوم الممارسة الفنية في شكل عامّ، وهو سجال إيجابي يتجدد من عام لآخر، ويُحسَب للمعرض السنوي دور إذكائه وتأطيره.
روح الزمان
يأتي عنوان المعرض السنوي الدورة الـ 38 “روح الزمان” في إطار محاولة جادة للإجابة عن واقع الفن البصري المعاصر في الإمارات بين “الماضي والحاضر والمستقبل”، وتسليط الضوء على أبرز التحولات والتحديات التي تواجه الفن في خضم تأثيرات خارجية وعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية، في عصر يموج كل لحظة بمتغيرات مادية حضارية تشكل تحدياً للفنان للحفاظ على موروثه الثقافي من جهة، والتماهي مع التطورات الحاصلة من جهة أخرى.
وقد وقع اختيار مجلس إدارة الجمعية لهذا العام على الفنانين عبد الرحيم سالم ومنى الخاجة، لتقييم المعرض الفني وفرز الأعمال، وذلك لاعتبارهما في طليعة المشهد الفني الحديث والمعاصر ومن مؤسِّسي الحركة الفنية في دولة الإمارات، وقد ارتأى كل منهما تكريم الفنان عبيد سرور (الإمارات) والفنان يوسف الدويك (فلسطين)، لما يملكان من أثر واضح وبصمة فنية مميزة في الحركة التشكيلية الإماراتية.
المعرض السنوي ليس مجرد واحد من أعرق وأهم المعارض الفنية في الإمارات، بل هو تظاهرة ثقافية واحتفال مشهدي ذو طابع محلي يتيح المجال لمعرفة التحولات التي مرت بها الحركة الفنية في دولة الإمارات. ويتمحور الهدف من المعرض حول المساهمة في تعزيز الحركة الإبداعية وإثراء المشهد الفني، وقد أصبح المعرض السنوي بمنزلة ذاكرة للحركة الفنية في دولة الإمارات، وحاضرها، ومستقبلها.
وتعتبر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، منصة مخصصة للتفاعل الفني والتبادل الثقافي وحوار الحضارات، بين الفنانين المواطنين، والمقيمين، والعالميين.