عبدالكريم الوزاني: “بدون عنوان”، نحت بالحديد مغلف بالقماش، صباغة أكريليك 264x70x300 سم، بإذن من الفنان.

سؤال التأويل في
الجماليات المعاصرة

تقديم

ما كانت الفنون لتحظى بقسط كبير من الاهتمام الكوني لولا ما أضفته على الوجود البشري من قيم جمالية وفكرية ما فتئت تتخذها الحضارات منطلقا للتعبير عن الهويات المحلية، ورافدا لإبراز مقومات الخصوصية الثقافية. ولعل ذلك هو ما بوَّأ خطاب الجماليات مكانة متقدمة ضمن مختلف الحقول المؤثثة للعلوم الإنسانية، ليس لأنه وسيط معرفي يجسّر بين الإنتاج، ونُظم النظرية، ولا لأنه مدخل راسخ لتنجيع أشكال الممارسة وأنواع التلقي، وإنما لأنه تفكير فلسفي ونقدي في مشاغل الفن، وأشكاله، وقيمه، وآثاره الفعّالة في تعميق الوعي بكينونة الإنسان، وآفاقه، وتطلعاته المتواترة نحو الإبداع والاختلاف. لذلك، ليس غريبا أن يكون للجماليات المعاصرة دور في كبير بروز إبدال (Paradigme) ما بعد الحداثة (Postmodernisme) الذي رام، في أهدافه الفلسفية، إعادة الاعتبار إلى الذاتية، والدعوة إلى تنسيب كل المطلقات الوثوقية، وتجاوز المسلمات المعيارية والتقنية التي هيمنت على عصرنا الحديث، من خلال إضفاء الشرعية على كل ما يتصل بالفرادة، والتنوّع، والاختلاف. في هذا الإطار، يمكننا سوق مجموعة من الأسئلة في الآتي: كيف تفاعلت الجماليات المعاصرة مع سؤال التأويل؟ وما علاقتهما بإبدال ما بعد الحداثة؟ وأين تتعين وظيفة التأويل بالنسبة للفنون البصرية المعاصرة؟

1.في التأويل والفن: وشائج وتقاطعات

تتقاطع الفنون البدائية مع التأويل في ارتباط نشأتهما بمجالي اللاهوت والأسطورة اللتين نهضتا، في كثير من حضارات الشرق القديم، على فنون النحت والعمارة والمسرح بوصفها تجليا مقدسا لتطقيس الحياة، سواء أتعلق الأمر بالحضارة الفرعونية أم البابلية أم الإغريقية…، ومن ثمة، لم يكن لتستمر دلالات الفن، لولا التوسّل بالتأويلات الدينية بوصفها تحليلا للعالم، وكشفا عما يستتر فيه من دلالات ميتافيزيقية متعالية، وتفسيرا ما فتئ يجسّر الوشائج بين الظواهر الإنسانية واللاهوتية الأسطورية والإبداعية. ولا أدل في هذا السياق من الإحالة إلى الحضارة الإغريقية التي أفردت -ضمن أساطيرها اللاهوتية- آلهة خاصة بتفسير وتأويل الوحي، يتعلق الأمر بهرمس (Hermes) الذي أخذ على عاتقه أكثر من وظيفة داخل دواليب الحياة في أثينا، تظل أبرزها اضطلاعه بتأويل كلام الآلهة، ونقله على نحو يلائم الفهم البشري؛ بل إن محاورات أفلاطون وكراتيليوس جعلت منه «الإله الذي اخترع اللغة والكلام» هذا من جهة. أما من جهة أخرى، تعود الأصول الإيتمولوجية لمفهوم الهرمينوطيقا (Herméneutiques)؛ من حيث كونها فلسفة تأويلية تُعنى بفهم ظواهر الفهم في حد ذاتها، إلى الهرمسية (Hermétisme) التي تعدّ المنبع الأسطوري الأول لهذه الفلسفة التي برزت أهميتها في ضوء تيار ما بعد الحداثة؛ أي ذلك التيار الفلسفي الذي نظر إلى التأويل كفعالية ذهنية ذاتية ما انفكت ترسّخ الاختلاف، وتدعو إلى الفرادة.

2.سؤال التأويل بين الفنون والجماليات المعاصرتين

قبل أن نشرع في تبيان معالم سؤال التأويل داخل أنساق الجماليات المعاصرة، لا بد من الإشارة إلى علاقة الفنون البصرية المعاصرة بتيار ما بعد الحداثة، حتى نتبيّن طبيعة مفهوم التأويل في ضوء التجاذبات الجدلية التي يقيمها مع المفاهيم السالفة. في هذا الصدد، يمكن أن نومئ باقتضاب إلى أن هناك هُوةً واسعةً بين الفنون التشكيلية والفنون البصرية المعاصرة، سواء أتعلق الأمر بفلسفة الإنتاج أم الأدوات والتقنيات والوسائط والأشكال وطرق العرض والتسويق…؛ فإذا كانت الفنون التشكيلية قد قامت على منظورات حداثية تؤمن بالتقنية، وتضم أصناف محدودة كالنحت والرسم واقعيا كان أم انطباعيا أم رمزيا أم تعبيريا، فإن الفنون البصرية المعاصرة -عكس ما سبق- ستناهض كلّ التصورات التي تحصر الفنّ في الجمال، أو تلك التي تدعو إلى الفن من أجل الفن؛ ففي أعقاب الحرب العالمية الأولى، سيشق الفنان الفرنسي مارسيل دوشامب (Marcel Duchamp) منعطفا آخر للفنون، حين أقدم سنة 1917 على عرض عمله الفني «النافورة» الذي كان عبارة عن «مبولة» جاهزة، ستحدث –بعد ثلاثة عقود- ثورةً في الوسائط التي دأبت الفنون التشكيلية على توظيفها كالطين واللوحة والثوب والصباغة…؛ أي صار بإمكان الفن أن يوجد في الأشياء الجاهزة أو الشعبية…، أو بعبارة أخرى شرعنت الفنون البصرية حرية توظيف مجمل المواد والوسائط التي ينتخبها الفنان في أعماله من دون شرط أو قيد، متماهيةً بذلك مع منطلقات تيار ما بعد الحداثة القاضي بمناهضة كلّ ما يؤطر الفن بالقواعد، أو يزج به في أحقاق المعايير الضيّقة أو القوالب المحدودة؛ فكيف انبثقت الحاجة إلى التأويل داخل التقاليد الفلسفية والفنية للجماليات المعاصرة؟

عمر سعدون: “لون الجائحة”، أكريليك على القماش، 180×100 سم، بإذن من الفنان. (عمل فني معاصر، يترجم بعضا من الرؤى البصرية عن أهوال جائحة كورونا التي ألمت بالعالم…)

2.1. 2.1. إشكال الفهم وإمكانات التأويل: من الفن إلى الجماليات

يبدو أن تنوّع مواد وأشكال الفنون البصرية، إلى جانب تشريعات ما بعد الحداثة، أديا بالأصناف الفنية المعاصرة إلى تنوّع ما فتئ يقوّض كلّ النظم والخلفيات، التي يمكن اعتمادها كمدخل لقراءات الأشكال المربكة، وذلك انطلاقا من إنتاجات مارسيل دوشامب ووصولا إلى جداريات بانسكي (Banksy)؛ إذ بات المتلقي أمام أصناف فنية كثيرة، نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر: التنصيب (Installation) وفن الأداء (Performance)، وفن الفيديو (L’art Vidéo)، والفن المفاهمي (Art Conceptuel)، والفن الشعبي (Pop Art)، فضلا عن الفن الرقمي، وفن التصميم، والنحت المعاصر، والفن البيئي إلخ. ولئن دل هذا التعدد على شيء إنما يدلّ، وبنحو ضمني، على إشكال الفهم الذي انتبهت إليه الجماليات المعاصرة، وسعت إلى تجاوزه بانخراطها في التأكيد على أن التأويل يضمر إمكانات خلاقة من شأنها إغناء مقاربة الأعمال البصرية، وقراءة مجمل أصنافها، وذلك بعدما أمسى «البصر في الفنّ المعاصر غير مؤهل للتميز بين الفن وضده، بمعنى ما عاد البصر قادرا على أن يكون معيارا جماليا لأن المتعة الجمالية لم تعد مرتبطة بالجميل الفنيّ» .
ومن ثمة، انحرفت الجماليات بوصفها المؤسسةَ المعرفية والفلسفية التي تعنى بالإشكالات النظرية والأكاديمية للفن، إلى ترسيخ تقاليد ذوقية أكثر انفتاحا ورحابةً في التعاطي مع الأعمال الفنية؛ ذلك أن «الحكم لم يعد مقوّما ضروريا في مقتضيات النقد» سواء أتعلق الوضع بفهم الفنون البصرية أم التشكيلية، بل أمسى عنصرا ثانويا أمام الإمكانات الدلالية المنفتحة التي ترتادها مسالك التأويل، مؤكدةً أن القيمة الجمالية والفلسفية للفنون البصرية المعاصرة أكبرُ من أن تُختزل في حكم، وأعتى من أن تُستنطقَ بآليات معيارية، منتهى همِّها ماثل في التطابق مع مقولات نظرية معينة؛ فاجتناب الإيغال في الأحكام قيميةً كانت أم موضوعيةً، أو التشدد في رجاحة عقلانية فهم ما، هو معطى لم يعدّ ذا أهمية بالنسبة للأبعاد الفلسفية التي بات يُنظر بها إلى مفهوم الجمال.
لم تكن الحاجة إلى التأويل لتتعاظم لو لم تتنصل الفنون البصرية -في ضوء حرية ما بعد الحداثة- من رقابة الذوق العام، أو حرج القيم الأخلاقية والاجتماعية، أو استبداد الثوابت العقلانية…، وهو ما جعل التأويل منطلقا لتأكيد قيمة الفهم الذاتي المتنصل من الادعاءات العلمية أو الوثوقية، مثلما جعله منفذا لإغناء العمل الفني من خلال الحرص على انفتاحه بموجب الحوارات والتساؤلات التي يُواجهه بها المتلقين. وفي هذا الصدد، يرى غادامير أن «تجربة العمل الفني تتضمن الفهم بوصفه ظاهرة تأويلية؛ ولكن ليس بمعنى منهج علمي على الإطلاق» ، لعلة مفادها أن الفن «لا يقبل الاختزال إلى الواقع المادي، ولا إلى أي أيديولوجية تفسر هذا الواقع»، أما من جهة أخرى يمكن القول إن تجربة الفهم في الفن تؤكد على أن «لا شيء يمكن أن يتوقف على نفس الحال» سواء أتعلق الأمر بالإنتاج أم بالتلقي. ولئن دلّ هذا المعطى على شيء إنما يدل على أن «نقاشات الفن المعاصر -بدءًا من المجلات المتخصصة إلى الأعمدة الصحفية الموجزة- تنطوي على تأويلات تتسم بالاحترام، وانحرافات فلسفية معقدة» ما انفكت أصداؤها وتأثيراتها تصيب حزمة من الحقول الإبداعية والفكرية.

بتول السحيمي: “ضغط العالم”، تجهيز، 2009. بإذن من الفنانة. عمل فني ينبع من واقع ربة البيت المغربية ليتداخل مع الإشكاليات السياسية الكبرى التي يعيشها العالم، كالحروب والمجاعات. تحول باتول السحيمي مستلزمات المنزل البسيطة كأواني الطبخ أو معدات التنظيف إلى أدوات للإحتجاج والنضال السياسي. طناجر ضغط بخارطة العالم أو ملونة بتوابل المطبخ المغربي، تتحول إلى تحف فنية شديدة التعبير عما آل إليه السياق السياسي الدولي من عنف.

2.2.الضرورة التأويلية في توليد المعارف الجمالية

يبدو أن طبيعة الفن المعاصر المباينة للتقاليد الكلاسيكية التي دأب عليها الفن جعلت الجماليات أعجز من أن تنأى عن التوسل بالتوسّل بالتأويل، فبفضل منطلقاته الرحبة داهم علم الجمال الخصائص البصرية للأعمال الفنية المؤرقة؛ أي تلك الأعمال التي تختط هويتها المنفردة في الشكل والمادة والتعبير. وإذا اتضح لنا أن التأويل غدا ضرورة في تحصيل المعارف الفنية أو توليدها، فلأن أهميته تنبع عندما تُستنفذ طاقة الأدوات، وتعجز قدرات المفاهيم النظرية حينما تؤول قوتها الإجرائية إلى عوز مرير في مواجهة ما استجد في الأشكال والأصناف، آنذاك ينبجس التأويل بوصفه إمكانا آخر للتفكير في الظاهرة الفنية والإنسانية من دون إيلاء أهمية قصوى لأي أطر معرفية مرجعية قد تؤثر على مسيرة الفهم؛ لسبب بسيط هو أن وُسْعُ المعنى في الفن يتجاوز ضيق المناهج، ومحدودية الأدوات، مما يجعل التأويل منفذا لإبراز المسالك الجديدة في إنتاج المعرفة من داخل الأعمال الفنية بعيدا عن الوساطات النقدية أو المدرسية أو الابستيمولوجية.
في إطار الضرورة التأويلية، أضحت الآداب والفنون -في تقاليد الجماليات المعاصرة- مصادرَ لتوليف المعارف وتوليدها، وهو ما أكده مارك جيمينيز حينما ساق في عمله الموسوم بـ: «ما الجمالية؟» ما مفاده أن الفنون تحتضن أوجه معرفية متنوعة؛ إذ «لا يستبعد هابرماس إمكان أن تقوى الجمالية، مع الوقت، على التأثير في غيرها من العقلانيات […] على هذه الصورة سننتهي، في منظور بعيد، إلى مصالحة بين جميع أوجه العقل»؛ [10] أي ستنتهي إلى تلافي التوترات التي تباعد بين العلم والفن؛ ذلك أن هذا الأخير، هو من «يضفي صورة على عالم الإمكانات الذي نحمله داخل شعورنا، ففي هذا المعنى بالذات يقال عن الفن إنه خلّاق» .[11] بيد أن صفة خلاق تتوقف كلما أشكل الفهم، أو أوعصَ النفاذ إلى الجوهر القيمي والدلالي، مما يفضي بغاية توليد المعارف الفنية إلى الإقرار بالضرورة التأويلية؛ أي تلك الضرورة القرائية التي لا يمكنها أن ترتكن إلى الثبات والسكون النمطيين. وعلى الرغم من أنها ضرورة قد تنتهي بنا إلى تضخم القراءات، أو بروز عوارض الإسقاطات الأيديولوجية المفارقة لخصائص الأعمال، إلا أنها تظلّ على اتصال وثيق بالحركية الفعالة، والمرونة النقدية، التي من شأنها إغناء الأعمال دلاليا ومعرفيا وفنيا.
لا مراء في أن قيمة الفنون لا تحدد بالشكل التي تعكسه، وإن كان جزءا مهما من أركانها، بقدر ما تتأطر قيمتها فيما تثيره من أصداء وتمثلات جمالية أو فكرية في وجدان الإنسان، في هذا السياق، تتأكد أهمية التأويل ضمن خطاب الجماليات المعاصرة؛ من حيث إنه نوزع أصيل نحو دمقرطة الفهم كلما وجد المتلقي نفسه مجبرا على الإعراب عن ذاتيته ورؤاه، وكلما تمنعت الأعمال عن الفهم، أو أشْكَل تمثّلها. لذلك، أمست الضرورة التأويلية جسرا لمساعدة «ومشاركة الجمهور في ملء ما هو مفقود» ؛ [12] أي في دحر ما هو مستعصٍ على الفهم المباشر لطبيعة العمل، ومآلاته الدلالية، وما يتعين فيه من معانٍ ضائعة تتطلب آمال إعادتها إعمالَ الفهوم المتأولة، وتجنب نمطية الاجترار، بغية خلق معرفة جديدة، وابتكار أفكار عميقة تُغني هوية العمل الفني، وتعزز إمكانات انفتاحه، وتوسّع رقعة حضوره المختلف بين فهوم المتلقين، فإذا كانت «الفنون اليوم بلا موضوع» ، فليس ذلك لأنها مُفتقدة للقيم، والأفكار، والتطلعات، والقضايا الاجتماعية والثقافية…، بل لأنها موضوعها بات منذورا للاختلاف والتأويل.[13]

تركيب

وأخيرا، يمكن القول إن الجماليات المعاصرة، استطاعت، بفضل مقتضيات ما بعد الحداثة، تجاوز مستلزمات القراءة والنقد الأحاديين في الفنون التشكيلية التي نهضت على التقنية، والأدوات، والمعايير التي تتبناها المدارس كلاسيكية كانت أم حداثية؛ إذ لم يكن لهذا التجاوز أن يتحقق لولا توسلها بدهاء الانفتاح، واستنجادها بالحوار الذي فرضته عنوة أصناف الفن المعاصر، وأشكاله التي ما فتئت تعرب عن الاختلاف سواء أتعلق الأمر بالإنتاج أم التلقي. إذ يمكننا عدّ هذه التجاذبات أحد أسمى المسوغات التي حثت الجماليات المعاصرة على إعادة وصل علاقاتها المعرفية بسؤال التأويل، والنظر إليه، كمتنفس منهجي متنصل من أي ضوابط متعالية أو وثوقية قد تستحيل إلى حاجز أمام بلوغ مرامي دمقرطة الفهم؛ ذلك أن استحضار الضرورة التأويلية يأتي لا ليرجح فهما على آخر، ولا ليدعي أنه المقاربة المثلى لاختراق الأعمال أو استنطاقها، وإنما ليشرّعن الذاتية في الفهم، وليحرص على إغناء الاختلاف، وليؤكد أن حرية الإبداع تقتضي موازاتها بحرية القراءة، وليست حرية القراءة –هنا- إلا تأمينا للفرادة في الفهم والنظر، وهو ما يجعل التأويل سرديةً معرفية دائمة التجدد والتنوع، وذلك بحكم علله التنسيبية التي لا تدعي الكمال بخصوص الآثار الناجمة عن القراءات والتفسيرات.
وختاما، قد يرمي البعض سؤال التأويل في الجماليات المعاصرة بتهمة الانتفاخ أو التضخم القرائي، الذي يؤول بقضايا فهم الفنون، بمختلف تلاوينها، إلى العدم؛ وهو اتهام تبدو مسوغاته –للوهلة الأولى- مشروعة، بيد أن ما ينبغي الانتباه إليه، هو أن الفنون سواء أكانت أدبية أم بصرية، لا تحيا، ولا تنتعش أوصال دلالاتها، إلا بتكاثر القراءات، وتنوّع التفسيرات والتأويلات.

المراجع والهوامش

تعد أسطورة هرمس من أبرز الأساطير الإغريقية جمعا للمتناقضات المعقدة؛ فإلى جانب اضطلاعها بنقل كلام الآلهة، وتأويله، فقد مثل هرمس «إله التجارة والماشية والمسافرين، ومن ثم أصبح إله المكاييل والموازين وحاميها والملاك الحارس للمختلسين واللصوص، وراعي الرياضيين ونصيرهم..». ينظر:

– حسن نعمة: ميثولوجيا وأساطير الشعوب القديمة، موسوعة الأديان السماوية والوضعية، دار الفكر اللبناني، بيروت، ط1، 1994. ص: 293.

2 -أفلاطون: محاورة كراتيليوس في فلسفة اللغة، ترجم المحاورة وقدم لها بدراسة تحليلية: عزمي طه السيد أحمد، وزارة الثقافة، عمان، ط1، 1995، ص:42 بتصرف.

3 -لقد فصّل المفكر التونسي فتحي المسكيني في أصول الهرمينوطيقا داخل تقاليد الثقافية الإغريقية، مؤكدا انحدارها من «الفعل اليوناني (ερμηνευειν) / (Hermeneuein) الذي يشير إلى ثلاثة معانٍ: أ) عبّر عن فكرة بواسطة الكلام؛ ب) عرّف شيئا ما وأشار إليه وعرضه؛ ج) أوّل وترجم؛ ومن ذلك (Ερμηνεία) / (hermeneia) التي تعني العبارة، وهو عنوان أحد كتب أرسطو المنطقية (Peri hermemeia) أو ما عرفه العرب تحت عنوان: في العبارة، فضلا عن تأويل فكر ما ومنه الإيضاح والتفسير، فيما تشير لفظة: (Ερμηνευϛ) / (Permenes) إلى المؤوّل والمفسّر والمفهّم والترجمان». ينظر:

– فتحي المسكيني: «الهرمينوطيقا كيف صارت التأويلية فلسفة؟ مدخل إلى مسألة الفهم»، فلسفة التأويل: المخاض والتأسيس والتحولات (كتاب جماعي)، إشراف وتحرير: علي عبود المحمداوي وإسماعيل مهنانة، ابن النديم للنشر، بيروت، ط1، 2013. ص:13 بتصرف.

4 -هيبة مسعودي: «أزمة الفن المعاصر بين احتجاب المعنى وضرورة التأويل»، تأويلية العلم وتأويلية الفن (كتاب جماعي)، تنسيق: محمد الحيرش، منشورات مختبر التأويليات والدراسات النصية واللسانية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، منشورات باب الحكمة، تطوان، ط1، 2022. ص:374.

5 -Terry Michael Barrett: Why is that art? aesthetics and criticism of contemporary art, Oxford University Press, New York, (2017). P.10.

بتول السحيمي: “من مجموعة النساء روز (rose)”، معدن، بلاستيك، سكاكين، ومواد مختلفة، 27×34 سم بإذن من الفنانة. (تجسّد الفنانة بتول السحيمي معاناة المرأة، وما تتجشمه من صعوبات مريرة في سبيل تحديات الاستقرار الأسري…).

6 – هانز جورج غادامير: الحقيقة والمنهج: الخطوط الأساسية لتأويلية فلسفية، ترجمة: حسن ناظم وعلي حاكم صالح، مراجعة: جورج كتوره، دار أويا، طرابلس، ط 1، 2007. ص:169 بتصرف.

7 – سعيد توفيق: تأويل الفن والدين، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط 1، 2017. ص:.18

8 – مونيك ديسكو: أفلاطون الرغبة في الفهم، مرجع مذكور. صص:141 142.

9 -جوليان ستالابراس: الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا، ترجمة: مروة عبد الفتاح شحاتة، مراجعة: ضياء ورَّاد، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، د،ع،ط، 2014. ص:11.

10 -نقلا عن مارك جيمينيز: ما الجمالية، ترجمة: شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط1، 2009. ص:407 بتصرف.

11 – جلال الدين سعيد: معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية، دار الجنوب للنشر، تونس، ط 1، 2004. ص:346.

12 – Terry Michael Barrett, Ibid. P.6.

13 – السعيد لبيب: «في تأويل العمل الفني»، تأويلية العلم وتأويلية الفن، تنسيق: محمد الحيرش، مرجع مذكور. ص:357.

كاتب

باحث مغربي، يحضّر أطروحة الدكتوراه في تخصص التأويليات بمركز دراسات الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والترجمة (جامعة عبد المالك السعدي/ تطوان).حاصل على جائزة الشارقة للإبداع العربي في فرع النقد، وعلى جائزة تكوين للقارئ العربي. صدر له: "التمثيل التأويلي للتاريخ في الرواية العربية" عن دائرة الثقافة بالشارقة عام 2019، فضلا عن مجموعة من الدراسات والمقالات في دوريات محكمة.

مجلة التشكيل

he first issue of “Al Tashkeel” Magazine was published back in 1984, four years after the formation of the Emirates Fine Arts Society. The fine arts movement was witnessing growth and gaining traction on all other artistic levels.