رئيسة التحرير/ د. نهى هلال فران
صدر العدد الأول من مجلة “التشكيل” عام 1984، بعد أربع سنوات من إشهار جمعية الإمارات للفنون التشكيلية. وكانت الحركة الفنية التشكيلية في دولة الإمارات تشهد تصاعدًا وتفاعلاً على كل الصُّعد الفنية الأخرى، ومثَّل العدد الأول نشرة داخلية صغيرة للجمعية، لا تتجاوز ثماني صفحات بالأبيض والأسود، قام بتصميمها الفنان حسين شريف، وكتب فيها إلى جانب كلٍ من الفنان عبد الرحيم سالم والفنان الراحل حسن شريف، وجاء في الصفحة الأولى البيان التالي:
“التشكيل نشرة صغيرة، بحجم جهودنا ومحاولاتنا الأولى، أردنا لها أن تكون خطوة الاميال التي لا تعد، وهذه الأوراق القليلة لن تكون مجلة تناسب طموحنا إلا إذا تكاتفنا جميعا، الإدارة وأعضاء الجمعية ومثقفو الديرة من اجل نسجها وخلقها على أساس فكري وفني صحيح. هذا التكاتف لا نود أن يكون شعارًا مرسومًا على ورق اصفر، بل همًّا يدفع سواعدنا من أجل الطموح. النشرة هذه المرة بسيطة، ننوي تطويرها مع كل عدد جديد ومشاركات عديدة، و…المساهمة مفتوحة للجميع…” 1
تضمن العدد الأول العديد من الموضوعات عن الفن التشكيلي، وبعض المقالات التي ترجمها الفنان الراحل حسن شريف عن الفن والفنانين، وعن الأخبار الفنية التي تشير إلى إقامة المعارض والدورات في المرسم الفني الذي تنظمه الجمعية ضمن نشاطها بإشراف الفنان عبد الرحيم سالم والراحل حسن شريف، إضافة إلى الإعلان عن معرض بازار تشكيلي مرافق لمعرض الكتاب الثالث، والى إقامة منتدى تشكيلي، واستوديو لتنمية قدرات هواة التصوير الفوتوغرافي بإشراف الفنان صالح السعيد…
يحدثنا الفنان حسين شريف عن تأسيس المجلة قائلا: “ بدأت فكرة إنشاء مجلة “التشكيل”، بعد اطلاعنا وإعجابنا بمجلة “فنون عربية”، وهي مجلة فكرية تعنى بالفنون في الوطن العربي، وكانت فصلية وتصدر عن دار الواسط في لندن في الثمانينيات، وكان جبرا إبراهيم جبرا رئيس تحريرها، و بلند الحيدري سكرتير التحرير، وكان ضياء العزاوي مدير التصميم، وقد صدر منها 7 أعداد، تعرفنا من خلالها على العديد من الفنانين واطلعنا على الاعمال الفنية، وكانت تحتوي على العديد من الترجمات…كان مستواها عاليًا جدًا، ولكنها توقفت، ومن هنا جاءت الفكرة بان تكون لدينا مجلة. لقد أطلقنا العدد الأول الذي كان عبارة عن نشرة صغيرة، وقد عملتُ على الإخراج الفني للمجلة وأجريت حوارًا مع الفنان عبد الرحيم سالم، الذي كتب بدوره عن الفن، وصمم حسن شريف الغلاف وكتب بعض المقالات التي ترجمها بنفسه، وتوجهت بعدها إلى اتحاد الكتاب لطباعة النشرة، وأذكر أنه قد تم طبع 500 نسخة، بتكلفة 1000 أو 1500 درهم، وكانت المجلة عبارة عن 8 صفحات فقط” 2
ثم صدر العدد الثاني في العام نفسه في شكل مطبوعة حملت صفة مجلة. وجاءت بالأبيض والأسود أيضًا. واليوم تواصل الجمعية إصدارها، وفق ما تأسست عليه من مفهوم ورؤية مستقبلية من قبل رواد الفن في دولة الإمارات، وقد ازدانت بحُلة جديدة، وباستراتيجية أكاديمية، من خلال إضافة عدة فقرات ثابتة، بهدف التنوع في المقالات والدراسات والإلمام بمختلف القضايا الفنية والثقافية والفكرية والتعريف بالفنون البصرية على اختلاف توجهاتها، بهدف نشر الثقافة وتنمية المعرفة والذائقة البصرية.
1- مجلة «التشكيل»: العدد 1، ص: 1، 1984.
2- حسين شريف: مقابلة شخصية»، مسجلة، مرسم الفنان، دبي، 7/8/2021، من كناب «ذاكرة وفن»، د.نهى فران.
المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "التفكير فنياً" للنشر والثقافة والتعليم، مؤرخة وأكاديمية، ناشرة، باحثة وقيّمة فنية، فنانة بصرية، ورئيسة تحرير مجلة "التشكيل". تمتلك سجلًا حافلًا بالإنجازات الأكاديمية والفنية والثقافية، حيث تميزت بإسهاماتها الثرية في مجالات الفنون البصرية، التعليم العالي، النشر، والتوثيق الثقافي.
حاصلة على درجة دكتوراه دولة بامتياز في "الفن وعلوم الفن"، وماجستير في الفنون البصرية وتقنيات الفن، وماجستير في الفلسفة وتاريخ الفن، بالإضافة إلى شهادة ليسانس في هندسة وعلوم المواد.
نشرت العديد من الكتب التي توثق الحركة الفنية والثقافية في العالم العربي، باللغتين العربية والإنكليزية، ومن أبرز أعمالها "الفن العربي بين الحداثة وما بعد الحداثة"، "التراث والحداثة والفن في عيون لبنانية"، "تطور الحركة الثقافية في الإمارات"، "التراث والإبداع"، و"عوامل نجاح الاقتصاد الإبداعي". كما أصدرت موسوعتين هما "فن وتراث وهوية" و"ذاكرة وفن"، حيث توثق الأخيرة بواكير الحركة الثقافية في دولة الإمارات بمختلف مراحلها والجوانب التي واكبت نشأة الحراك التعليمي والفني.
عملت في مجال التعليم الجامعي كأستاذة جامعية ورئيسة قسم الفن والتصميم، وأسهمت في تطوير المناهج وتنسيق البرامج التعليمية، مركزة على الجمع بين الجوانب النظرية والتطبيقية للفنون. أقامت وشاركت في العديد من المعارض الفنية الفردية والجماعية، وشاركت في لجان تحكيم محلية ودولية لتقييم الأعمال الفنية والجوائز، وفي العديد من المؤتمرات الثقافية، وأسهمت بتقييم المعارض الفنية، وتنظيم الفعاليات الثقافية.
حصلت على شهادة تقدير من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، تقديرًا لجهودها في البحث والتوثيق، وتم تكريمها كواحدة من أبرز 100 شخصية فكرية وأدبية وتاريخية ضمن موسوعة "منذ قدموس، نحن بناة حضارة"، دراسة أكاديمية معلوماتية. كما نالت تكريمًا على جهودها التطوعية ودعمها لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية وخدمة الفن والثقافة في دولة الإمارات.
بفضل خلفيتها الأكاديمية وتجاربها الموثقة، تسعى الدكتورة نهى هلال فران إلى توثيق الإرث الثقافي والفني العربي ليكون مرجعًا للأجيال القادمة، مع تركيزها الدائم على دعم المشهد الفني في الإمارات من خلال جهودها التطوعية ومبادراتها الثقافية.