تزامنًا مع انطلاق الفعاليات المرافقة لأيام الشارقة التراثية، افتتح سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث المعرضَ الفني “نوافذ من متاحف الآثار” للفنانة عائشة السويدي في مقر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية -الجهة المنظمة للمعرض- بحضور رئيس الجمعية الفنان سالم الجنيبي، وجمع كبير من رواد الفن التشكيلي في دولة الإمارات، وأدباء، ومثقفين، وفنانين من مختلف دول العالم.
قدمت الفنانة الإماراتية عائشة السويدي في معرضها 35 لوحة فنية تعكس جماليات القطع الأثرية الموجودة في متاحف دولة الإمارات، بتفاصيلها الدقيقة وأشكالها الجميلة، التي تتنوع بين: الحُلي، والجرار، والمباخر، وأدوات الصيد، والأواني، والمعادن، والأحجار الكريمة، والأصداف .تجسد كل لوحة قطعة أثرية مختلفة ومميزة؛ مثل مصب الحصان من متحف الآثار في الشارقة، وقلادة من متحف الآثار في دبي، وكذلك قطع أثرية من العصر البرونزي الهلنستي من مدينة العين، وجرة من متحف الفجيرة للآثار… كما تتضمن كل لوحة رسالة للأجيال القادمة؛ نظرًا لكونها تؤرخ لماضٍ قديم وعريق، وتحتوي على قيمة جمالية وعلمية ومعرفية.
وقد أثنى سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم على الأعمال الفنية وأشاد بأهمية المعرض التي تتمثل في “جمع التراث الفني والثقافي، وحفظه، وصونه”، مشيرًا إلى أن الفنانة عائشة السويدي درست القطع الأثرية الموجودة في متاحف الدولة من خلال زيارتها المستمرة للمتاحف، وقدمتها برؤية جمالية خاصة بغرض توثيقها وعرضها بأسلوب فني مبتكر خارج نطاق المتحف كدعوة لإدراك القيم الجمالية والفنية الموجودة في الإرث الحضاري للدولة، وبهدف المحافظة على رموزها، وأشكالها، وأبعادها الإنسانية. وأضاف أن أعمالها الفنية تُبرز جماليات فنون الحضارات القديمة وثقافتها، وهي تمثل دعوة للحفاظ على التراث والبحث عن العناصر المكونة للهوية المحلية؛ فـ”تراثنا هُويتنا”.
وأضاف رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، الفنان سالم الجنيبي: “نظرًا لأن تراثنا ثروة لا تُقدَّر بثمن تفخر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية بإلقاء الضوء على أهميَّة هذه الثروة الثقافية من خلال تنظيم وإقامة المعرض الفني “نوافذ من متاحف الآثار” للفنانة عائشة السويدي، الذي يضم لوحات فنية من حضارات مختلفة وأماكن أثرية متنوِّعة فرَّقها الزمن وجمعتها الفنانة، على شكل طوابع بريدية برؤية فنية فريدة ومميزة. يؤكد هذا المعرض على أهميَّة الآثار بوصفها جزءًا لا يتجزَّأ من تاريخ البلاد وهُويتها؛ فدولة الإمارات تزخر بموروث حضاري وثقافي وإرث تاريخي يؤكد دورها في الحضارة الإنسانية؛ إذ تقاطعت على أراضيها العديد من حضارات العالم. ويُعد التراث الثقافي الوطني جزءًا من حياة المواطن وذاكرته، وقد حظي التراث الوطني برعاية واهتمام كبيرَين، ومتابعة قادة هذه البلاد حفظهم الله؛ فدولة الإمارات العربية المتحدة غنية بالمواقع الأثرية والتراثية التي تؤكد مشاركة أهل الجزيرة العربية في بناء الثقافة والحضارة الإنسانية، وانفتاحها على الحضارات الأخرى وروابطها الثقافية ودورها في حركة التجارة بين قارات العالم على مر العصور. لقد أكدت الاكتشافات الأثرية العمقَ التاريخي والثقافي لدولتنا؛ لذا يجب أن تتشبع الأجيال القادمة بتراث بلدها، وتاريخه، وإرثه الحضاري الضارب بجذوره في أعماق التاريخ”.
وعن مفهوم المعرض وأهدافه قالت الفنانة عائشة السويدي: “لدولة الإمارات حضارة عميقة وعلينا أن نعتز بها، وندرسها، وننقلها لأبنائنا؛ لأن هذا التاريخ صنعه الأجداد، ومن هذا المنطلق أتت فكرة استلهام القطع الأثرية الموجودة في متاحف الدولة لابتكار أعمال فنية تتضمن رسائل حب وانتماء للوطن الغالي، وتظهر جماليات الآثار وتفاصيلها الدقيقة والجميلة في معرض يتضمن عينات مختارة من الاكتشافات الأثرية في المتحف الوطني وتمثل فترات مختلفة من العصر الحجري إلى عصور ما قبل التاريخ، والعصر البرونزي، والعصر الحديدي، وعصور ما قبل الإسلام.
يعكس المعرض الفني “نوافذ من متاحف الآثار” الثراء الأثري للدولة، ويشكل توليفة فريدة من القطع الأثرية من عصور مختلفة تمتد إلى أكثر من 800 ألف عام؛ مما يشهد على تاريخ المنطقة من الاستيطان البشري ويسلط الضوء على الحضارات التي نشأت عليها”.
عائشة السويدي تخرَّجت الفنانة عائشة السويدي في جامعة الإمارات العربية المتحدة، تخصص علم نفس. عملت في وزارة الشؤون الاجتماعية وجمعية النهضة النسائية في دبي. شاركت في العديد من معارض جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة، والمجمع الثقافي في أبو ظبي، وفي مهرجان جرش، والعديد من المعارض الجماعية المحلية والدولية، وتمثل أعمالها الفنية جزءًا من المجموعة الفنية الدائمة في "متحف المرأة".
المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "التفكير فنياً" للنشر والثقافة والتعليم، مؤرخة وأكاديمية، ناشرة، باحثة وقيّمة فنية، فنانة بصرية، ورئيسة تحرير مجلة "التشكيل". تمتلك سجلًا حافلًا بالإنجازات الأكاديمية والفنية والثقافية، حيث تميزت بإسهاماتها الثرية في مجالات الفنون البصرية، التعليم العالي، النشر، والتوثيق الثقافي.
حاصلة على درجة دكتوراه دولة بامتياز في "الفن وعلوم الفن"، وماجستير في الفنون البصرية وتقنيات الفن، وماجستير في الفلسفة وتاريخ الفن، بالإضافة إلى شهادة ليسانس في هندسة وعلوم المواد.
نشرت العديد من الكتب التي توثق الحركة الفنية والثقافية في العالم العربي، باللغتين العربية والإنكليزية، ومن أبرز أعمالها "الفن العربي بين الحداثة وما بعد الحداثة"، "التراث والحداثة والفن في عيون لبنانية"، "تطور الحركة الثقافية في الإمارات"، "التراث والإبداع"، و"عوامل نجاح الاقتصاد الإبداعي". كما أصدرت موسوعتين هما "فن وتراث وهوية" و"ذاكرة وفن"، حيث توثق الأخيرة بواكير الحركة الثقافية في دولة الإمارات بمختلف مراحلها والجوانب التي واكبت نشأة الحراك التعليمي والفني.
عملت في مجال التعليم الجامعي كأستاذة جامعية ورئيسة قسم الفن والتصميم، وأسهمت في تطوير المناهج وتنسيق البرامج التعليمية، مركزة على الجمع بين الجوانب النظرية والتطبيقية للفنون. أقامت وشاركت في العديد من المعارض الفنية الفردية والجماعية، وشاركت في لجان تحكيم محلية ودولية لتقييم الأعمال الفنية والجوائز، وفي العديد من المؤتمرات الثقافية، وأسهمت بتقييم المعارض الفنية، وتنظيم الفعاليات الثقافية.
حصلت على شهادة تقدير من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، تقديرًا لجهودها في البحث والتوثيق، وتم تكريمها كواحدة من أبرز 100 شخصية فكرية وأدبية وتاريخية ضمن موسوعة "منذ قدموس، نحن بناة حضارة"، دراسة أكاديمية معلوماتية. كما نالت تكريمًا على جهودها التطوعية ودعمها لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية وخدمة الفن والثقافة في دولة الإمارات.
بفضل خلفيتها الأكاديمية وتجاربها الموثقة، تسعى الدكتورة نهى هلال فران إلى توثيق الإرث الثقافي والفني العربي ليكون مرجعًا للأجيال القادمة، مع تركيزها الدائم على دعم المشهد الفني في الإمارات من خلال جهودها التطوعية ومبادراتها الثقافية.