مدرسة الأحمدية، أرشيف الكاتب صورة
مدرسة الأحمدية، أرشيف الكاتب

محمد خليفة ذيبان.. رائد ومعلم ومؤسس لمناهج التربية الفنية

– رسم 100 بورتريه للحكام والشخصيات في الخمسينيات

  • • ابتكر حصص النشاط المدرسي والرسم والنشاطات ونظم مهرجان سنوي للمدارس في دبي.
  • • انحاز الى فن محاكاة الطبيعة والبيئة المحلية أو محاكاة البحر والموج والسفن الذاهبة
  • • من أعماله الكتابة بالخط الصيني وتفوقه بخط الرقعة والكتابة على سقوف البنيان

لا يمكن على وجه التحديد والدقة، رصد التاريخ الحقيقي لبدايات الفنون البصرية في الإمارات. ذلك لأن الروابط التي تقود الى معرفة تاريخية الفن في هذه المنطقة تمتد ما بين حضارات قديمة وأخرى حديثة، وتتداخل ما بين نقوش الماضي وفنون النقش المتوارثة والرسوم والمعمار والزينة وغيرها، وهي كلها تقاليد ضاربة في القدم.

لكن، من وجهة نظر توثيقية على الأقل، يمكن التطرق الى بدايات حركة الرسم في الإمارات بمعناه الحديث، وأقصد فنون الرسم والتلوين على القماش والورق بالأسلوب المعاصر. وعلى حد علمي، فإن الوثائق التي ترصد بدايات تشكّل الظواهر الفنية في الرسم تحديداً غير موثقة، وأغلب الظن أن الاهتمام بفن الخط العربي الإسلامي سيكون قد سبق الفنون نظراً لانتشار التعليم الكلاسيكي في الكتاتيب منذ بدايات القرن العشرين وقبلها أيضاً في مراحل مبكرة من التاريخ، بينما يبدو الفن التشكيلي والرسم ظاهرة جديدة جاءت مع انتشار التعليم النظامي والمدارس الحديثة.

بدايات التعليم

لا أريد الخوض في بدايات التعليم في الإمارات لأن ذلك يحتاج الى بحث منفصل، لكن يكفي أن نشير الى أن التعليم بدأ ينتشر في دبي والشارقة مع تأسيس المدرسة الأحمدية في دبي 1912، ومدرسة الإصلاح وغيرها في الشارقة في العام 1935 وكانت المناهج تقتصر على أساسيات العلوم في الفقه والحساب والإملاء والخط العربي، ولم تدخل الفنون والأنشطة والعلوم الأخرى إلا لاحقا.

نتوقف في هذه المقالة عند تاريخ أحد المؤسسين لتعليم فنون الخط والرسم في مدرسة الأحمدية في دبي في فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وهو المعلم والفنان محمد خليفة ذيبان الذي كان أوّل مدرس ومؤسس لمناهج الرسم. وربما من تاريخ هذا الرجل، نستطيع أن نُمسك بالخيط الذي يوثق لتاريخ الفنون في الإمارات.

محمد خليفة ذبيان، المصدر : د. أمينة ذبيان. 1 صورة
محمد خليفة ذبيان، المصدر : د. أمينة ذبيان.

لا توجد معلومات كافية عن تاريخ ولادة أو وفاة هذا المعلم الإماراتي الرائد، وكل ما توفر لديّ من معلومات استقيتها من أفراد عائلته، وتحديداً من أخته د. أمينة ذيبان أستاذة النقد والشاعرة الإماراتية المعروفة التي قدمت لي صورة كاملة عن حياة هذا الفنان وأبرز المحطات في حياته.

مناهج الرسم الأولى

درس محمد خليفة ذيبان في الكتاتيب وبعدها على يد أئمة ومعلمين هم الجيل الاول والثاني من المعلمين في مدرسة الأحمدية، وأمام رغبته في تنوير المجتمع، رهن نفسه بعد التخرج الى التدريس رغم رفضه لأسلوب التدريس النظامي. فهو من أشد من تمسك بمفهوم الخبرة والموهبة، كان يطالب بتجديد التعليم والتخلي عن أسلوب ومكونات التعليم القديم الذي تخرج منه. ورغم انه كان أحد رواد التعليم في مدرسة الأحمدية ومؤسس شعب الرسم والخط والنشاط المدرسي، إلا أنه امتلك نظرة خاصة لمفهوم التعليم وأساليبه. وعرف عنه هذا الشغف بالتطوير وربما كان هذا سبب شهرة محمد خليفه بين الطلاب قديما.
أهم ما اشتهر به في زمنه أنه رفض الحزم في التدريس ورفض الضرب وكان أسلوبا معروفا في التعليم النظامي، كما رفض دفتر الحضور والغياب وأصر على بناء الثقة بين الطالب والمدرسة والمعلم ورفض تأنيب الطلاب أو طردهم، لذا انبهر به كثيرون واشتهر باسم المعلم محمد او محمد خليفه وهو ابن السادسة عشر. ومن أهم أعماله في هذا المجال بعض الكتابة على مستوى المدرسة كما وابتكر حصص النشاط المدرسي وبدأت علاقته بالرسم والنشاطات الأخرى كتنظيم مهرجان سنوي في المدارس في كل دبي ومنها مدرسة الشعب ببر دبي كمنظم ومشرف على الانشطة المدرسية.
أيضاً من أهم ما ذكرته الدكتورة أمينة ذيبان شقيقة هذا الفنان الرائد أنه في مجال الرسم أنه أوّل من احترف رسم صور البورتريه من أبناء الإمارات، وهو الفن الذي أجاده وتمكّن منه بدقة عالية حتى تجاوز عدد وجوه الشخصيات التي رسمها أكثر من مئة وجه، منها بعض الحكام وبعض المشاهير ومنها بورتريه للزعيم الراحل جمال عبدالناصر كما انحاز الى فن محاكاة الطبيعة والبيئة المحلية أو محاكاة البحر والموج والسفن الذاهبة في البعيد ورصد حركة الماء وتدفق الموج وقطرات الندى وتجمع الماء في البرك ورصد المطر والغيم وبالغ في موهبة التقليد والمحاكاة كما رصد تقاطعات الأرض وتضاريسها واليد والفرشاة ومنابع الادراك في اللوحة او تنقية اللون في أصله.

تقول د. أمينة أيضا: بدأ بالأخضر والرمادي ومزج بعض الألوان وقدم التشكيل كمسمى ولم يزاوج بين الواقعي والمتخيل بل بالغ في أطر الحرفية أو التفكير في المعنى واتقن لون النور وبداية اللون الأسود، أو هو مزج الفرح بالحزن. ومن ألوانه المفضلة العشب وهو السر وراء محبته الشديدة لأمه كطفل منزوع من الثقة وهي بداية علاقته بالداخل أو اليقين بالوعد ومثل هذا كثير، كلون المرأة أو عباءة النساء وهي ثيمات ومحاور ثابتة عنده في الأنثى أو الحب.

يذكر عن محمد خليفه ايضا انه كان مبدعا في قراءة اللوحات العالمية وتفسير مداخل الفن التشكيلي وهو هاجس كان يتشارك فيه مع غيره من زنلاء تلك المرحلة ومن بينهم محمد اللزومي أو المعروف بمحمد سالم.

من أعماله أيضا الكتابة بالخط الصيني وتفوقه بخط الرقعة او خط النسخ كما قدم لوحات عن تزامن النسخ بالرقعة وهو من أسس مدرسة رياض الاطفال وتبنى القراءة المجوّدة وكتب على سقوف البنيان عبارات التنوير أو صراخات التأييد والمعارضة حيث شارك بنفسه في تظاهرات تطالب بإجلاء الاستعمار الانجليزي عن الخليج.

محطات كثيرة وتفاصيل أكثر بحاجة الى التوثيق، والأهم من ذلك، علينا أن نمعن البحث للحصول على هذه اللوحات والرسومات التي تركها هذا الفنان المهم الذي يحتاج الى توثيق سيرته بشكل أدق سواء في مجال الإبداع والموهبة وطريقة الرسم، أو في مجال التعليم الذي برع فيه واستكمل طريقه فيه، حيث تشير المصادر أنه انتقل بعد مدرسة الأحمدية ومدرسة الشعب في دبي الى التدريس في مناطق الشحوح في رأس الخيمة، ومنها مناطق اليادي وبخا، حيث أسس هناك مدرسة للتعليم على مستوي الطلاب والطالبات وكانت مدرسة مشتركة.

الكتاب

شاعرٌ وأديبٌ من جيل الثمانينيات في الإمارات، صدر له العديد من الكتب عن الفن والشعر والمسرح والرواية.

مجلة التشكيل

he first issue of “Al Tashkeel” Magazine was published back in 1984, four years after the formation of the Emirates Fine Arts Society. The fine arts movement was witnessing growth and gaining traction on all other artistic levels.